Site icon قدوة

آداب زيارة المريض في الإسلام وأثرها الاجتماعي

المقدمة

تعدّ زيارة المريض من السلوكيات الإنسانية الراقية التي تؤكد على روح التعاضد والتكافل الاجتماعي، وهي من القيم التي شدد عليها الإسلام وجعلها من حقوق المسلم على أخيه. فالزيارة ليست مجرد تقليد اجتماعي، بل هي تعبير عن الاهتمام بالمريض، وتقوية للعلاقات، وبثّ للأمل في نفسه، فضلًا عن كونها سببًا في نيل الأجر والثواب من الله.

يهدف هذا المقال إلى استعراض آداب زيارة المريض وفق التعاليم الإسلامية، وبيان أثرها النفسي والاجتماعي، إلى جانب تسليط الضوء على الممارسات السلبية التي قد تفسد هذه الزيارة.

أهمية زيارة المريض في الإسلام

أولى الإسلام عناية خاصة بزيارة المرضى، وجعلها من الأعمال المستحبة التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع. فقد روى الإمام البخاري ومسلم عن النبي ﷺ أنه قال:

“حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس.”

كما ورد في الحديث القدسي أن الله سبحانه وتعالى يقول يوم القيامة:

“يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟” (رواه مسلم).

وهذا يدل على عظيم الأجر الذي يحصل عليه من يزور المريض، حيث يجد الله عند المريض، وهذا يعكس أهمية الزيارة في توطيد العلاقة بين الناس ونشر المحبة بينهم.

الهدف من زيارة المريض

  1. تحقيق الأجر والثواب: فالزيارة من الأعمال التي يكافئ الله عليها بالأجر العظيم.
  2. رفع معنويات المريض: يشعر المريض بالاهتمام والمواساة عند زيارة أحبابه وأصدقائه.
  3. تقوية الروابط الاجتماعية: تعزز الزيارة أواصر المحبة بين الأفراد وتقوّي العلاقات العائلية والمجتمعية.
  4. التخفيف من معاناة المريض: عندما يتحدث المريض مع زائريه، قد ينسى آلامه ولو لبعض الوقت.
  5. التذكير بنعمة الصحة: زيارة المريض تجعل الإنسان يتأمل في حاله ويحمد الله على نعمة العافية.

آداب زيارة المريض

1. اختيار الوقت المناسب

يُفضَّل اختيار وقت مناسب للزيارة بحيث لا تكون في أوقات نوم المريض أو في أوقات العلاج. وعادةً، تُحدد المستشفيات أوقاتًا مخصصة للزيارة، ويجب الالتزام بها.

2. تقليل مدة الزيارة

يُستحب ألا تكون الزيارة طويلة حتى لا تتعب المريض أو تزعجه، إلا إذا كان المريض يستأنس بالزيارة ويرغب في بقائها.

3. الدعاء للمريض

من السنة أن يدعو الزائر للمريض بالشفاء، كما جاء في حديث النبي ﷺ:

“اللهم اشف عبدك، ينكأ لك عدوًا، أو يمشي لك إلى صلاة.” (رواه البخاري).

كما يمكن أن يقول:

“أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك.” (سبع مرات كما ورد في الحديث الشريف).

4. التخفيف عن المريض بالكلام الطيب

يُستحب أن يتحدث الزائر مع المريض بكلام يبعث الأمل، ويبعد عنه القلق والخوف، وألا يتحدث عن أمور محزنة أو سلبية.

5. عدم الإكثار من الأسئلة المحرجة

يجب تجنب السؤال المتكرر عن تفاصيل المرض أو الأعراض، لأن ذلك قد يسبب إحراجًا للمريض أو يزيد من قلقه.

6. تجنب إزعاج المريض

يُستحب أن يتجنب الزائر الضوضاء أو التحدث بصوت عالٍ، وأن يكون هادئًا في تصرفاته، ويحترم راحة المريض.

7. عدم إحضار الأطفال إلا عند الضرورة

إذا كان الأطفال غير قادرين على التصرف بهدوء واحترام، فمن الأفضل عدم اصطحابهم إلى زيارة المريض حتى لا يسببوا له إزعاجًا.

8. تجنب العطور القوية

بعض المرضى قد يكون لديهم حساسية تجاه الروائح القوية، لذا يُفضل عدم وضع عطور قوية قبل الزيارة.

9. تقديم الهدايا المناسبة

يمكن للزائر أن يُهدي المريض بعض الأشياء البسيطة التي تدخل السرور عليه، مثل الورود، أو كتاب مفيد، أو طعام يحبه إن كان مسموحًا له بتناوله.

10. احترام خصوصية المريض

يجب على الزائر أن يراعي خصوصية المريض وألا ينظر إلى سجله الطبي أو يسأل عن معلومات شخصية قد لا يرغب في مشاركتها.

11. عدم نشر أخبار المريض دون إذنه

البعض قد ينقل أخبار المريض دون علمه، وهذا قد يكون غير مرغوب فيه، لذا يجب احترام خصوصيته وعدم نشر أي معلومات عنه دون موافقته.

أثر زيارة المريض على الفرد والمجتمع

1. التأثير النفسي على المريض

2. التأثير الاجتماعي

3. التأثير الديني

الممارسات الخاطئة أثناء زيارة المريض

  1. إطالة الزيارة دون داعٍ مما يسبب إرهاقًا للمريض.
  2. التحدث عن تجارب مرضية سابقة مما قد يزيد من قلق المريض.
  3. تصوير المريض دون إذنه ونشر صوره على وسائل التواصل الاجتماعي.
  4. إحضار أطعمة غير مناسبة لحالة المريض الصحية دون التأكد مما يناسبه.
  5. التحدث بصوت عالٍ أو الضحك المبالغ فيه مما قد يزعج المريض.

الخاتمة

زيارة المريض ليست مجرد عادة اجتماعية، بل هي عبادة وسنة نبوية تحمل معاني الرحمة والتكافل. باتباع آداب الزيارة، يمكننا أن نحقق الغاية المرجوة منها، وهي التخفيف عن المريض وإدخال السرور عليه، إضافة إلى نيل الأجر العظيم من الله. كما أن التزامنا بهذه الآداب يعكس أخلاقنا الإسلامية الراقية، ويساهم في نشر روح المحبة والتعاون في المجتمع.

فلنجعل زيارة المرضى عادةً نمارسها بوعي واحترام، مستشعرين قيمتها الدينية والإنسانية، ولنعمل على ترسيخ هذه الثقافة في مجتمعنا لتكون مصدر خير وبركة للجميع.

Exit mobile version